البعد
الفكري والثقافي
في
مشاريع المؤتمر الرابع
لمنظمة
العمل الديمقراطي الشعبي
(قراءة من منظور "الفاعل الجامعي")
مساهمة: ذ.محمد العمري
في بادرة جديدة ومحمودة وضعت "منظمة العمل الديموقراطي الشعبي" المغربية مشاريع
مؤتمرها الرابع بين يدي المنظمات السياسية والفاعلين الجامعيين قصد مناقشتها
وإبداء الرأي فيها قبل تقديمها إلى المؤتمر. وقد كان لي شرف تقديم هذه الورقة يوم 26/2/2000
بالمركب الثقافي محمد بن العربي العلوي بالمحمدية. ونشرت
في جريدة "المنظمة". |
تحية
للحضور الكريم.
أشكر
الإخوة في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي على هذه البادرة الرائدة الاستثنائية
المتمثلة في عرض مشاريع وثائقها التوجيهية للحوار المفتوح، وقد اعتدنا في التقليد
الحزبي المغربي الالتقاء معها على منصات المؤتمرات أو صفحات الجرائد بعد فوات
الأوان. نتمنى أن يؤدي الحوار إلى توضيح الرؤيا حول المهام الآنية والبعيدة
والوسائل الكفيلة بتحقيقها. وأشكرهم من جهة شخصية أن أحسنوا بي الظنَّ للنظر فيها
والتواصل معها.
وقد
يكون باعث حسن الظن هذا مصدر صعوبة النظر بالنسبة لي، وليس ذلك لأني في موقف
مجاملة لعطفٍ أو تعاطف، بل مرد ذلك إلى الاشتراك مع مناضلي هذا الحزب منذ البداية
في الكثير من المبادئ التي أدت إلى ظهور التيار اليساري في مغرب نهاية الستينات
وعبر السبعينات كلها. أخشى من التطابق مع كل المنطلقات الأيديولوجية بل حتى مع
فحوى الخطاب ولغته. لذلك سأترك ما ينتسب إلى ذلك الرصيد المشترك معتبرا مبادئه
العامة مناسبة حتى في هذا الظرف، وسأبتعد عن الحديث عن الأزمة العابرة التي مرت
منها منظمة العمل بسبب موضوعي أو مفتعل، وكذا تقويمها لعمل الكتلة ومنجزاتها فلها
وحدها أن تختار التفسير التي تراه مناسباً.
سأحاول
النظر إلى المشروع من زاوية المهام الحالية للقوى الديمقراطية؛ مهامِّ التحديث
والقطيعة مع الماضي، من زاوية الفكر والثقافة. مع الوقوف في الأخير إن سمح الوقت
عند بعض الجزئيات التي أجدني مخالفا بشأنها لتقدير المنظمة، كقضية مجانية التعليم.
مدخل
عام
لقد
قَرنتُ الفكر بالثقافة، مع ما قد يطبع ذلك من حشو، لتغطية منطقة واسعة بدون لبس تمتد
من الفلسفي والتشريعي إلى الفني الجمالي هذه المنطقة التي كثيراً ما تفلت من
السياسيين والإداريين حين يغرقون في التعامل مع الملفات بالمعنيين (إعداد مشاريع
أو مؤامرات)، بل يعدو الأمر أحيانا الإغفال والسهو إلى المعاداة والاستهزاء. كثيرا
ما يبدو المثقفون الذين لا يعلمون تلك "الأسرار" التقنية أو التآمرية
سُذاجاً، فيتعامل معهم في أحسن الأحوال كما تتعامل البلاطات القديمة مع الشعراء
المداحين والفقهاء المسوِّغين. وقد أنتجت لنا العقود الأربع الأخيرة، في غياب
الفكر والثقافة عن تدبير الشأن العام، حيوانات سياسية وحيواناتٍ عسكرية وحيوانات
"عُلمائية"...الخ
المرحلة
الراهنة هي مرحلة الفكر والثقافة ابتداءً بمحاربة الأمية وصولا إلى مناقشة القضايا
الدينية والجنسية والسياسية بتبصر.
إن
علاقة الفكري بالفني تبدو مفارقة باعتبار الفن مشاكسة للنسقية التي يسعى إليها
العلم ولكنهما في الحقيقة حليفان لا يستغني أحدهما عن الآخر. ولا أدل على ذلك من
أن الظلامية التي تعادي الفكر والعقل تعادي الفن كذلك. إن العلاقة بين الفكر والفن
تذكرني أحياناً بالعلاقة بين الأسماك الضخمة المفترسة والأسماك الصغيرة التي
تقتحمها وتتخلل بين أسنانها الحادة في أمان، إن العلم الحق يعلم أن الخلخلة الفنية
للنظم والأنساق تستحق العناء. فهي تزيل الترسبات الفطرية المؤدية إلى التعفن أو
الطفيليات المزعجة التي تنغص الحياة. “إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى
السمع".
لقد
انتهى عهد الخلايا والتنظيم الرُّفقائي (أما الرِّفاقي فقد انتهى منذ زمان)، وأصبح
مجردَ شكل من التآكل الداخلي وحك المبرد بالمبرد، وحان وقت الاشتغال الاجتماعي في
قضايا ملموسة تهم الناس في حياتهم اليومية. تكمن المعضلة اليوم في كيفية الحضور
النضالي الفعال في الحياة اليومية للناس في السراء والضراء من خلال ممارسة ثقافية
جديدة تتحول إلى معرفة متنامية بالتدريج. هناك شبه انفصال عن الناس، والذي يتصل
بالناس لا يُصنع من الخارج أو ينزل من مواقع بعيدة عنهم، بل يأتي من وسطهم.
هذه
تأملات عامة ليس مشروع منظمة العمل هو وحده الذي استدعاها بل هو حال كل الأحزاب
الديمقراطية المؤمنة بالتحديث والحداثة.
من
الأكيد أن صياغة مهام والتزامات ثقافية جديدة أمر غير يسير بعد التطور الذي عرفه
مجال النضال الديمقراطي. ولكن لا ينبغي أن يكون غياب التصور الجديد مُبرِّراً
لغياب الهم واقتحام المجال.
في
صلب المشروع
بالنظر
في المحتويات نرى أن هناك مشروعين توجيهيين: مشروع سياسي ومشروع تنظيمي. وحين ندخل
إلى تفاصيل المشروعين نجد في المشروع الأول الأقسام التالية:
[1) القضية الوطنية
2)
معركة الديمقراطية (في نقط ثلاث تتعلق بالتجربة الحالية في واقعها)
3)
الوضع الاقتصادي والاجتماعي: الخصوصيات، الاختيارات، الأزمة ..الخ
4) برنامج الانتقال إلى نظام
الملكية الدستورية والتأهيل من أجل النهضة الشاملة (1) (الوحدة الترابية، (2) بناء
الديمقراطية. وأخيرا (3) "التأهيل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي"،
(نعود إلى محتوى هذه النقطة الفرعية بعد إكمال العرض).
5)
واجهات النضال الأساسية (دون تفصيل. سنفتح هذه النقطة لاحقا للاطلاع على محتواها).
6)
واجهة العمل على المستوى المغاربي والعربي والدولي.
هذه
مكونات المشروع السياسي، أما المشروع التنظيمي فيحتوى قسمين:
1
ـ خلاصات أساسية من التجربة التنظيمية
2
ـ إصلاحات تنظيمية لتطوير اللائحة التنظيمية الداخلية].
نعود
الآن لفتح النقطة الثالثة من القسم الرابع من المشروع السياسي، أي التأهيل
الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. نجد النقطة الثالثة الخاصة بالثقافة في الصفحة 46،
في حوالي 15سطرا تضم 9 توصيات تهم التعليم والإعلام والديمقراطية والمجانية ..الخ
ويَأتي الفكر والثقافة بالمعنى الذي نقصده نحن في النقطة الأخيرة، التاسعة، وهي:
"9 ـ توفير
الوسائل الضرورية لتحقيق نهضة فكرية وأدبية وفنية تشكل رافدا أساسيا للنهضة
الشاملة المنتظرة".
هذا
كل ما خصص للفكر والثقافة في نقطة "التأهيل" أما في خانة واجهات النضال
(الصفحة 56) فقد جاءت "الجبهة الإعلامية والثقافية" بعد جبهات أخرى
كعنصر مكمل، مقدَّمة بهذه العبارة: "لإكمال دائرة العمل في مختلف الواجهات
والجبهات السالفة التذكير لابد من إبلاء العناية إلى جبهة الإعلام والثقافة"
وينصرف محتوى هذه العناية إلى إجراءات تقنية: تطوير الجريدة، لجنة الإعلام، وضع
خطط إعلامية وثقافية، ترقيات نظرة المواطن إلى الكون والحياة.
ما هو العنصر الغائب
إذن؟
بعد هذا العرض يبدو
لي أن المشروع يفتقر إلى:
تصور فكري للمرحلة
من
الأكيد أن هذا التحليل مطالب بالخوض في معضلات يُفضَّل عادةً السكوت عنها أو تركها
للزمان أو الحديث عنها داخليا وحلقيا مما يساهم في تشتت الصف الديمقراطي، ما سميته
في مكان آخر: تاريخ الدماميل.
يحتاج
اليسار المغربي اليوم إلى رواية نقدية، أو متواطئة للماضي، وإلا بقينا في إطار
الحوار المغشوش، وهو ممارس اليوم من طرف بعض مكونات الكتلة: القلب مع علي والسيف
مع معاوية. إن الكثير من المناضلين يفضلون "النميمة" و
"الغيبة" ويشيعون الكثير من البلبلة، وهم في الغالب غير متوفرين على
بديل فكري تاريخي قابل للفهم والاستيعاب ولذلك كان من المجدي في نظري أن تَعتمِد
المنظمة رواية لما حدث تعطي قوة ودعما للمستقبل.
هذا
من جهة، وهناك من جهة ثانية حاجة إلى تقويم الإمكانيات والطاقات الإنسانية الخلاقة
للمغاربة في عصرٍ صار فيه الفكر "رسمالا" ماديا ملموساً. لم يعد من
الممكن أو من الجائز رهن تطور المغرب بسقوط الأمطار أو انحسارها في الوقت الذي
يمكن فيه ربح أضعاف ما تعطيه الفلاحة عن طريق الإنتاج الفكري والتكنولوجي. إنه ليس
مما يحتاج إلى بيان أن المغرب اليوم مطالب بالاعتماد على الإنسان للخروج من تقلبات
أحوال الطقس.
أما
إذا نظرنا إلى المرحلة الانتقالية فالكل يدرك اليوم مدى التباس هذه اللحظة، ومدى
الحاجة إلى تعامل دقيق يصون الأهداف ويتسم بالمرونة أمام إحراجات خصوم الديمقراطية
الذين يغلفون المطالب السياسية والفكرية بالدين. هنا تأتي مهمة المثقفين
الديمقراطيين غير المنضبطين تنظيمياً فالمفروض في نظري أن يجد هؤلاء المثقفون
مواقع مريحة داخل الحزب واهتماما في برامجه. وليس هناك مثال أجلى وأوضح من قضية
إدماج المرأة: إنها بقدر ما تتطلب من مهارة في المقارعة السياسية تتطلب حنكة في
إدارة الحوار الثقافي الديني بعيدا عن المداهنة وقريباً من أفهام الجماهير المعرضة
لكل أساليب التزييف.
تبدو
لي اللحظة الراهنة من الناحية الثقافية أشبه في كثير من جوانبها بلحظة نهاية
الستينات وبداية السبعينيات. التفاصيل معروفة لدى الجميع ولذلك يتجه تفكيري إلى
ذلك الوجه الفكري للأدبيات الماركسية، ذلك الوَهَج الذي شل حركة الفكر الإصلاحي
الذي ألصق بالأحزاب الوطنية: الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية فضلا
عن حزب الاستقلال. إن وهج دعوات الإسلام السياسي اليوم تُعشي النظر. وإذا كان
"سيف الحجاج" قد استطاع أن يقطف الثمار طوال السبعينات حتى أعاد عاليها
سافلها فإنه لم يزد على أن عَمَّقَ مأساة المغرب... ولذلك فليس هناك اليوم مخرج
مشرف للجميع غير الحوار الهادئ الصريح.
وهذه
الوضعية تثير لدي أكثر من تساؤل حول كيفية تعامل الحزب مع المثقفين والفنانين
وغيرهم من المبدعين. يجرني هذا إلى الجانب التنظيمي الذي قد يبدو بعيداً عني. أرى
أن صيغة "عضو عامل" و "عضو غير عامل" بناءً على مساهمة على
أداء اشتراك شهري راتب تنطوي على بعض الحيف بالنسبة للمفكر والمثقف والفنان الذي
يساهم بطرق أخرى متعددة ويؤدي أضعاف ما يمكن أن يؤديه غيره مادياً بالنظر إلى
المردودية السياسية للحزب؛ وإذا كان أداء الاشتراك في جانب منه علامة التزام فإن
هذه الفئة تعلن التزامها على الملأ فهو فكري وأخلاقي. أقول هذا وأنا أنظر إلى
الحالة المادية لفنانينا ومثقفينا المناضلين الذين سيجدون أنفسهم غير مؤهلين
للترشح ضمن حزبهم لاعتبار مادي قد يستعمله غيرهم طريقاً للوصول عن غير قناعة أو
انحياز فكري.
ولابد من الإشارة في نهاية هذه النقطة إلى
أن التوجه الكوني في مجالي السياسة توجه نحو الفكر والثقافة، ليس ذلك من خلال دخول
رجال الفكر والثقافة في الغرب مجال تسيير الشأن العام وفسح المجال للمرأة وإبعاد
الفكر العسكري والسياسوي الصرف، ولكن أيضا من خلال اهتمام الأحزاب وجمعيات العمل
المدني، بل نلاحظ أن حلقة واسعة تمتد اليوم بين الجمعية والحزب من خلال جمعيات
حقوق الإنسان وأحزاب البيئة. وكما حاول الإنسان في العصر الحاضر أن ينقل المعارك
إلى ملاعب كرة القدم حيث نفرض الروح الرياضية بين المنتصر والمنهزم بقطع النظر عن
كل الخلفيات خارج الميدان فإني متوقع أن معارك الإنسان العاقل مستقبلا ستجري عن طريق
الرياضيات وعلى الشاشات ولن تحتاج إلى تدمير لحصول الاقتناع كما يجري في العصر
الحاضر في بعض الجهات.
إن فرص التقدم
اعتمادا على الإنسان متاحة فلنبادر لوضع برامج تغنينا عن اعتقال المجازين
ومحاكمتهم.
جزئيات
خلافية
1
ـ مجانية التعليم جاء في المشروع السياسي:
"3ـ جذف كل ما
يشير بشكل مباشر أو غير مباشر إلى المس بمجانية التعليم العمومي من مشروع ميثاق
التربية والتكوين".
ليسمح لي الإخوة بهذه
المرافعة البسيطة أقدمها من الداخل كما لو كنت واحداً من مناضلي المنظمة:
لندع جانبا مدى
إمكانية الملاءمة بين التعميم والمجانية، أي هل هناك عمليا إمكانية في ميزانية
الدولة لتحقيق ذلك في الأفق المنظور(؟)
ولنتساءل هل الوضع
الراهن يحقق المجانية حقا؟ بالقدر الذي يقتضيه التكافل الوطني؟
ما هو وجه الدفاع عن
المحظوظين ضدا على مصلحة المحرومين؟ أي
ما الذي يبرر لنا إعطاء مائتي درهم للطالب الفقير في الوقت الذي نصرف فيه
آلاف الدراهم لتعليم أبناء الأغنياء الذين لا يؤدون حتى الضرائب؟
إن كثيرا من أبناء
الطبقة الوسطى يكلفون عائلاتهم الكثير إما بالتدريس في التعليم الحر أو عن طريق
الدروس التكميلية الإضافية، ولو خُيِّروا بين هذه الوضعية ووضعية تكافلية تضمنها
الدولة ولا تكلف الكثير لفضلوا الحل الثاني.
أما الاحتجاج بفساد
الإدارة فلا ينبغي تكريسه وتزكيته بهذا السلوك بل ينبغي أن نناضل جميعا ضده، وإن
عملا تحسيسيا سيجعل المتضررين من عامة الشعب يساهمون في كشف المتسللين المستفيدين
من المجانية عن غير حق: وعموما فمن السهل أن يثبت المحتاج احتياجه أما الميسور فإن
مهمته ستكون صعبة إذا عزمنا على إصلاح الإدارة وتفعيل الجماهير للدفاع عن مصالحها.
إن المؤسسات
التعليمية المحظوظة اليوم هي التي يقيض الله لها جمعية آباء نشيطة متفانية مضحية
تجمع من هنا وهناك أما الباقي فخراب.
وعموما فإني أعتبر
موقفاً من هذا القبيل بعد التوافق الذي حققه حلفاء المنظمة من أحزاب ونقابات حول
هذه النقطة عنصرَ تأزيم، وقد أشم فيه رائحة الشعبوية أو مجاملة الجماهير.
لو لم أضع نفسي في
موقع المنتمي الغيور ما سمحت لنفسي بأن أتفوه بمثل هذا الكلام، فأرجو أن يأخذ أو
يترك بهذا الاعتبار.
2
ـ تضخيم بعض القضايا
من ذلك هذه العبارة التي تعطي حزب الاتحاد
الوطني الحالي أكثر من حجمه:
"بل
يمكن القول بأن صفوف الكتلة تقلصت عندما جمد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية
داخل الهيئة القيادية العليا بعد أشهر قليلة من تأسيس الكتلة لأسباب لم يتم
توضيحها بعد لما فيه الكفاية" (ص17)
أجد
عبارة من هذا القبيل بدون مردودية إيجابية، والدليل على ذلك هو أن السبب لم يعرف،
بعد كل هذه السنوات. فلو كان لذلك الحزب حضور وفعل لظهر وجه الاختلاف والتحفظ، إن
لم يكن قولا كان بالممارسة والفعل. وللحديث بهذه الكيفية حساسية لا نود الخوض
فيها.
3
ـ التعامل من الخارج
من
ذلك ما يلاحظ من حساسية في التعامل بمنطق الأقل والأكثر والمهيمن والمهيمن عليه.
والحال أن المسألة سياسية تتعلق بتوازنات وتحالفات لمجابهة الخصوم الحقيقيين، خصوم
الحداثة، خصوم العقل والعدل والإنصاف. وداخل التحالف الإيجابي يُخلق الواقع
المنصف.
ومن هنا أفضل تفسيراً
تاريخيا واقعيا لحال التوافق الهش، إذا كان كذلك، على عبارة المشروع:
"لم تبلور
(أطراف الكتلة) فيما بينها بالقدر المطلوب مفهوما واضحا وموحدا للتوافق الوطني.
مما ترك الباب مفتوحا لشتى التأويلات، وبقي التوافق مفهوما فضفاضاً ومتقلب
المضامين حسب تقلب الأحوال... "
والذي
أراه هو أن توافقا من هذا القبيل كان أحسن من القطيعة ونتائج القطيعة. وأخشى ألا
يفهم المناضلون في القواعد أن التوافق الواضح المضبوط الآلياتِ والمضمون النتائج
شرطٌ للتعامل داخل الكتلة، والحال أن الكتلة اختارت الدخول لتدبير الممكن وصنع
المرغوب؛ هذه هي السياسة.