حماران وخروف

جبهة العُدوان على الخرفان

محمد العمري

قبيل عيد الأضحى لسنة 2006 اتصل بي أحد الأصدقاء مباركا العيد سائلا عن الخروف، قلت له الجواب ما تقرأ لا ما تسمع. وفي الحين وضعت الرسالة التالية في بريده الإلِكتروني:

أما بعد،

أدعو أخوتكم إلى عدم الانضمام إلى "جبهة العُدوان على الخرفان". لقد رأيت في المحمدية هذه السنة مناظر من العدوانية الشرسة جعلتني أخجل من وضع وجهي في وجه خروف. دعك من السكاكين القديمة التي تُشحذ في كل منعرج وزاوية، والجديدة التي حلت في الواجهات محل الكتب والملابس، دعك من أكوام الفحم المعروضة في الأسواق والمحمولة على العربات يطوف به االعربجيون ممن كانوا يوزعون جافيل ويتجولون بالخضر، دعك من أكوام التبن وهشيم الجلبان تذروها الرياح في كل اتجاه، دعك من كل هذه التكنولوجية الإعداية لاستقبال الذباب، وتعالَ معي لترى كيف أقحم حبيبنا الحمار في "معركة اللحم". كيف أقحم الحمار في معركة بين كبش يمشي على أربع وكبش يمشي على اثنين.

منذ ثلاثة أو أربعة أيام قبل العيد خرجت في عاصفة مطرية لقضاء بعض الحاجات الملحة، وعندما اقتربت من حي البرادعة لاحظت أن هناك حمارا قصيرا يواجه زخات مطرية عنيفة وهو يخوض في بركة على قارعة الطريق ساحبا عربة عالية الجوانب أشبه بنعش. خلت أنه تائه، فاقتربت منه مشغلا ماسح الزجاج بأقصى سرعته. ومع الاقتراب من العربة ظهرت رؤوس أربعة خرفان. تضايق الحمار من فضولي فاستدار نحو الشارع حتى توسطه فتوقفت الحركة وعلت أصوات المنبهات، وقتها فقط أطلت من داخل العربة أربعة رؤوس بشرية كانت مختبئة من المطر وراء قطعة من البلاستيك.

قفز جحشان من العربة وأشبعا الحمار سبا وركلا محاولين إخلاء الطريق.

وقبيل العيد بيوم كنا راجعين إلى المنزل بعد غروب الشمس بقليل، كانت حركة السير متوقفة بعد "الضوء الأحمر" بشارع المقاومة، قرب المصلى. قالت فاطمة: خفف السير، هناك حادثة. ترك شرطي المرور ترتيب ألسبقيات العبور وانطلق يجري نحو "المختنق". بعد جهد وصلنا إلى أصل المشكل: عربتان مسطحتان إحداهما مربوطة بحمار والأخرى مربوطة بفرس، فوقهما بعض الخراف والبعض الآخر ملقى على الأرض يحملق في عجلات السيارات. الكل كان منفعلا مضطربا غير الحمار الذي كان يغني: "خليها على الله..."

....

تحياتي