العامية
والأفق
العربي
في الفن
والإعلام
كان
هذا المقال
جوابا عن
سؤال طرحته
صحيفة "بيان
اليوم"
المغربية
سنة 2007. |
محمد
العمري
أخرج من
حسابي ـ في
هذه الكلمة
الموجزة ـ
كلَّ من
يتعامل مع
اللغة
العربية
باعتبارها
خصما ومنافسا
أو حائطا يلقي
بظلاله على
نبتة يريد هو
استنباتها،
ففي مثل هذه
الأجواء المشحونة
يغيب العقل
ويمكن أن
تَدُس الضرة
السم في طعام
ضرتها. أنا
أنظر إلى
اللغة
العربية باعتبارها
"قدرا"
و"مكسبا".
اللغة
العربية قدر
ومكسب لأن
الغالبية
العظمى من
المغاربة تتحدث
بها أوتفهمها
بهذا القدر أو
ذاك؛ سواء كانت
لديها
إمكانية
للتحدث بلغة
أخرى وطنية أو
غير وطنية أو
لم تكن لديها.
واللغة
العربية مكسب
تطلب إنجازه
قرونا من
الفعل
والتفاعل،
وأنفقت فيه
الدولة، من
الاستقلال
إلى الآن على
الأقل، ثروات
وثروات.
واللغة
العربية مكسب
لأنها تفتح
أمام أهلها
سوقا عريضا
وتاريخا مديدا.
بعد هذا
التقديم الذي
لا أبالي لو
أفسد للود قضية،
لأنه موقف
شخصي، اعتذر
لعلماء
اللغة، أصحاب
الكلمة الفصل
في شؤون تطور
اللغات وانكماشها،
لأقول بان
التفاعل بين
الفصحى والعامية
مسألة طبيعية
وحيوية لحياة
اللغة وتطورها.
فحين يجد مبدع
حاجة تعبيرية
لاستعمال كلمة
أو عبارة
دارجة، حيث
يفتقر إليها
الموقف أو
تغني المعنى
فلا مجال
للاعتراض.
وحين يختار مؤلف
أن ينجز عملا
باللهجة
الدارجة زجلا
أو مسرحا أو
خطبة فلذلك
موقعه وكيانه
الخاص. المشكل
في نظري هو
خلط
العاجزين،
ولذلك أعجبني
استعمالكم
"اللغة
العامية" بدل
الدارجة. فالعامية
لغة وذوق
وفكر،
تقابلها
الخاصية. والإعلام
والفن
(الفرجوي
بالتحديد)
مجالان، في نظري،
لترقية الذوق
والفكر من
خلال اللغة.
وقد قيل بأن
البلاغة ما
يفهمه العوام
ولا يستهجنه الخواص.
المشكل
في نظري في
استعمال
العامية في
الإعلام
والفن بسبب
العجز وضيق
الأفق؛ العجز
عن ابتداع لغة
وسط منقحة
ومرنة، والانغلاق
في الأفق
الوطني
أوالجهوي
(المغرب أو الشاوية
مثلا) كما هو
حال الكثير من
الأعمال المحسوبة
على المسرح
والصحافة. لقد
خرجنا من رمضان
الأخير
بعنوان دال
على رداءة
الذوق والفكر
واللغة في
مجال الفن وهو
"مسرح
الببوش"، ويمكن
أن نبدأ في
حوار للبحث عن
اسم للصحافة
التي تسير في
هذا السياق.
أتساءل
دائما ما
"الفائدة"
الدلالية من
استعمال:
السبيطار بدل
المستشفى،
والكريدي بدل السلف،
الطوموبيل
بدل السيارة...
واللائحة طويلة.
والحال أن
الكلمات
الفصيحة أكثر
رواجا وتداولا
اليوم، أو على
الأقل معروفة
ولا تتفوق
عليها الكلمة
"العرنسية"
بأية مزية
دلالية.
نتيجةُ
ذلك كله هو
الانفصال عن
المجال العربي
وعدم الدخول
في أي مجال
مفيد. ومع ذلك
نشتكي من كون
المشارقة لا
يقبلون على
مسرحنا وسنمائنا
. لقد نقح
المصريون
والسوريون
واللبنانيون
لغتهم
السنمائية
ويتبعهم الآن
الخليجيون،
وما علينا إلا
أن نستورد
منجازاتهم
بالعملة
الصعبة وندخر
منجزاتنا
الركيكة
اللغة والنطق
في الرفوف.
جمهور واسع من
ربات البيوت
والأطفال
يتابعون المسلسلات
المصرية
والسورية
والخليجية
والمدبلجة
(مكسيكية وغير
مكسيكية)،
وجمهور واسع من
الشباب
والشياب
والكهول
يتابعون
الجزيرة
والمنار
وإقرأ، ونحن
نحشر رؤوسنا
في الرمال
ونراهن على
كمشة من
البشر.
حين
يطلب مغربي أو
جزائري
الكلمة في إحدى
الفضائيات
أمسك رأسي بين
يدي حتى يتبين
الخيط الأبيض
من الخيط
الأسود؛ فإما
أن يكون أكاديميا
مختصا في
اللغة
العربية أو
أتيحت له فرصة
جمعوية
للتدرب عليها
فتسلم الجرة،
وإلا تلعثم
وعجز ولم
يفهمه أحد،
والسبب هو هذه
الهجنة التي
نعيشها. ومن
أراد غير العربية
المفصحة
فعليه أن
يصدِّر تسعين
في المائة من
المغاربة
الحاليين إلى
كوكب آخر.
كنت كتبت
خلال
الثمانينيات
مقالين حول
حتمية التعريب،
وتساءلت عمن
سينجزه. وكنت
أفكر في شؤون
الإدارة حيث
المعاملات
كلها
بالفرنسية، كما
كنت أفكر في
البحث العلمي
حيث يؤدي
إنجازه بلغة
أخرى إلى
إفقار
اللغة/اللغات
الوطنية. غير
أن بعض
الزملاء
فهموا، أو
أرادوا أن
يفهموا، أن في
ذلك كيدا
للأمازيغية،
فعقدوا لي محاكمة
في نادي
الموظفين
بفاس اكتشفت
خلالها أني
أسير وسط حقل
من الألغام.
وكنت وقتها
اعتقد أن
الإسلاميين
سيركبون على
هذه القضية
العادلة
ويجعلونها
قضيتهم، غير
أن الأيام كذب
ظني، فهم
منشغلون،
بدورهم، بما
هو أهم في
نظرهم (!).
العرنسية
لغة العزلة