تعليق
على حديث
السيد عبد
العزيز بلخادم رئيس
الحكومة
الجزائرية
الجزائر
"المظلومة"؟
محمد العمري
المقال
التالي
انطباعات
تواردت بعد
مشاهدة حوار
مع رئيس
الحكومة
الجزائرية
على قناة
الجزيرة ومشاهدة
تحقيق عن
المغاربة
المطرودين
من الجزائر
على القناة
الثانية
المغربية،
مواجهة بين
ادعاء الظلم
ومعاناته
حقا. |
استمعت
باهتمام كبير
للسيد عبد
العزيز بلخادم
رئيس
الحكومة،
الأمين العام
لجبهة
التحرير الجزائرية،
وهو يجيب عن
سؤال وجهه
إليه مذيع قناة
الجزيرة حول
موقف الحكومة
الجزائرية من
اقتراح المغرب
فتح الحدود
بين البلدين.
اعتقدت أنه ما
جاء إلى هذا
المنبر
الإعلامي،
بعد مشاركته
في لقاء
الأحزاب المغاربية
بطنجة
إلا لإعلان
موقف صريح
يُخرج من
البلبلة التي أحدثها
هذا السؤال
عند غيره من المسؤولين
فيما يخص
الفصل والوصل
بقضية
الصحراء. غير
أن جوابه زاد
الأمر
التباسا، فهو
لم يطرح قضية
الصحراء
مباشرة كشرط
لفتح الحدود،
ولم يستبعدها
نهائيا، بل
استدركها في
مقدمة الجواب عن
السؤال
الموالي،
فبدت كشرط
إضافي. أما
أغرب ما جاء
في كلامه،
سامحه الله،
فهو قوله بأن
الجزائر
"مظلومة". هكذا،
كما سمعتَ،
وبالحرف "نحن
ظُلمنا"
قالها أكثر من
مرة. والظالمون
هم على العموم
كل الجيران،
الذين تركوا
الجزائر
تواجه
الإرهاب
وحيدة، وهم
بالتحديد المغرب
الذي فرض
التأشيرة على
الجزائريين،
بعد حدثٍ وقعَ
سنة 1994، ثم عاد
فرفعها
فعاملناه بالمثل،
أما فتح
الحدود فقصة
أخرى. وهنا
ظهرت على
الرجل علامات
الحرج فحاول
فتح باب الأمل،
لكن لسانه
سبقه فقال:
"أما الحدود
فلن تظل
مفتوحة إلى
الأبد". لا
بد من التفاهم
على كثير من
القضايا،
لابد من تقاسم
المنافع، لا
بد من محاربة
التهريب أولا..
إلى آخر ما
أورد من شروط تعجيزية.
(انظر النص
في موقع
الجزيرة). هذا
مجمل ما قاله
هذا الرجل الذي
اعتقدت أن
بيده مفاتيحَ
الغيب التي لا
يعلمها السيد بوﮔطاية
حين سمم
الأجواء
بتصريحات
تقطر سما، لا
تليق بصفة
"الإخوة
الأشقاء في
المغرب" التي
يمضغها في
الفضائيات
قبل نفث زبد
من الأحقاد.
دعْكَ
من السي بوﮔطاية، دَعِ
السي بوكطاية
ينتظر سقوط
الثمار التي
تخيل أنها
نضجت وحان سقوطها
ليلتقطها
وحده قبيل
بزوغ الفجر،
فإذا حضر
الماء رُفِع
التيمم.
الكلام الآن
مع ذي المفتاحين
الحكومة
والحزب
الكبير. لا شك
أن
المستمعين،
من المغاربة
خاصة، قد
رددوا، وهم
يستمعون
إليه، المثل
السائر بين
العامي
والفصيح:
"ضربني وبكى،
وسبقني وشكى".
أوَّلاً
لم يَثبُت،
وذلك بشهادة
كبير جنرالات
الجزائر خالد
نزار، أن
المغرب شجَّع
الإرهاب في الجزائر
أو يسَّر
مهمته، بل
اعتقل وحاكم
من حاولوا فعل
ذلك. وهذه
في نظري هي
المساعدة
التي بوسع بلد
كالمغرب أن
يقدمها، فهي
أقصى ما يمكن
انتظاره من
جار ليس لا هو
الولايات
المتحدة ولا
فرنسا خبرة
وإمكانيات،
بل هو مشغول
بالفتنة التي
أثارتها الجارة
نفسها فوق
أرضه. ولو
سلك المغرب
السلوك
المضاد فآوى
ودعم بأي وجه كان
لما كان
مَلوما، بل
لما تجاوز
حدود المعاملة
بالمثل.
فالجزائر
"المظلومة"
تلك ـ أي
جزائر أصحاب
القرار(؟) لا جزائر
الشعب
والمثقفين
والعلماء
ورجال الأعمال
الشرفاء ـ هي
التي صنعت
كيانا وهميا
معاديا
للمغرب فوق
ترابها
وأمدته
بالسلاح والمال،
بل وقاتلت إلى
جانبه
بمخابراتها
ودبلوماسيتها
دائما،
وبجنودها
أحيانا، كما
تكشف في معركة
أمكالا. تلك
"الجزائر" هي
التي ظل آلاف
الجنود
والمدنيين
المغاربة
المختطفين
معتقلين فوق
ترابها أكثر
من ربع قرن،
عاني من بقي
منهم على قيد
الحياة من
التعذيب
النفسي
والجسدي ما لا
تندمل جراحه. الجزائر
"المظلومة"
تلك هي التي
شحنت أكثر من
أربعين ألف
مغربي، ومغربي
ـ جزائري،
وجزائري فيه
رائحة
المغرب، في
شاحنات بعد أن
جردتهم من
ممتلكاتهم،
بل جردتهم حتى
من حاجياتهم
الإنسانية
الخاصة. وقد استمعتُ
أخيرا
لشهاداتهم في
برنامج على
القناة
الثانية
يحكون بتواتر
وعفوية من
مختلف الأعمار
عن فضاعات
تُدْمي الحس
الإنساني:
آباء يُلتقطون
من محلات
عملهم، أو من
أبواب منازلهم،
وأطفال
يُلتقَطون من
أبواب
المدارس ويشحنون
كالأنعام إلى
حدود هي اسم
على مسمى. بل
من أبشع ما
سمعت الفصلُ
بين أفراد
العائلة الواحدة
وإدخال كل
واحد من مدخل
بين أقصى
الجنوب وأقصى
الشمال. وسمعت
أيضا أن
"المظلومة"
هذه أحضرت
عشرات
الشاحنات إلى
الحدود
المغربية تنتظر
الجزائريين
الذين
سيطردهم
المغرب، فخاب
التقدير
وتغلبت
الحكمة لدى
الطرف الآخر،
لم يطرد
المغرب أحدا.
مهما حكينا،
نحن المغاربة،
عن مساوئ
نظامنا المخزني
فإننا سعدنا
بتبصره في عدم
الانجرار
إلى المعاملة
بالمثل في هذه
القضية وما
يماثلها من سلوكات جوارية
مستفزة. لقد
ظلمتم
ضيوفَكم، يا
سيادة الوزير،
وأنتم تعلمون
ما يعني ذلك. على كل حال
هذا سلوك
اكتشفه
الثوريون
العرب فمارسوه
هم وبعض
الأفارقة دون
غيرهم من سكان
العالم،
مارسوه خاصة
في العراق
وليبيا
والجزائر، هل
هذه مجرد
مصادفة؟ إن
حديثكم، ياسيدي،
عن الظلم
يذكرني بقول
الشاعر
الشيعي مخاطبا
ابن الزبير:
تُخَبِّر
من لاقيْتَ
أنكَ عائذٌ
بلِ العائذُ
المظلومُ في
سجنِ عارم
وكان
ابن الزبير قد
سجن ابن
الحنفية أحدَ
أبناء علي بن
أبي طالب في
"سجنِ
عارمٍ"، في
حين يدعي هو
أنه عائذ
بالكعبة من
ظلم بني أمية.
لحد
الساعة لم
يقنعني سكوت
المغرب عن هذه
المأساة
الإنسانية،
ولحد الساعة
لم أفهم لماذا
لم يظهر بين
مثقفي ومفكري
وأحرار
الجزائر من يستنكر
هذا التصرف
العدواني،
ولحد الساعة لم
أفهم لماذا لم
يستلهم
السينمائيون
من الجانبين
هذه المأساة،
ليس الغرض من
ذلك تحريك
المواجع
وتأجيج
الأحقاد بل
لمحاكمة مثل
هذا السلوك
حتى لا يتكرر
مستقبلا.
أما إذا
كان لا بد أن
تكون هناك
جزائرُ، أو جزرٌ
مظلومة فهي
بدون شك جزائر
وجزر الشعب
والمثقفين
الذين لم
يُستشاروا لا
يوم صُنعت البوليزاريو،
ولا يوم شردت
ألاف الأسر
المغربية الجزائرية،
ولا يوم سُدتِ
الحدود
ومُزقت وحدة
شعب متوحد في
كل شيء. هذه
مجرد نماذج،
يا سيدي،
من الجزائر
المظلومة،
ولذلك سميتها
أيضا جُزُرا:
جزيرة
المثقفين،
وجزيرة الفنانين،
وجزيرة
المقاولين
الشرفاء،
وجزيرة العلماء...إلى
أخر هذا
الأرخبيل
الذي تنعدم
فيه الحدود بين
المغاربة
والجزائريين،
لا يعترف لا
ب"زوج بغال"
ولا ب"زوج
حمير" شرف
الله قدركم،
(ولمن لا يعرف
ف"زوج بغال"
فهو اسم
مَعبَر
الحدود بين
وجدة ووهران).
منذ
سنة وجدتُ
أحدَ الزملاء
القدماء من
الباحثين الوهرانيين
عالقا في
الرباط بعد
نهاية الندوة
التي شارك فيها،
ينتظر
الطائرة في
الأسبوع
المقبل حتى
يتمكن من
الرجوع إلى
وهران. وقد
كان الزملاء
منذ حوالي
عشرين سنة
يركبون
سياراتهم من
وهران في الصباح
ويكونون
عندنا في فاس
قبل أن يصل
القادمون من
مراكش، وكنا
نفعل نفس
الشيء في
الاتجاه
الآخر. وكان
المهرجان
الشعري
لمدينة فاس
يستقطب
العديد من
الأدباء
والصحفيين
الجزائريين.
ومنذ
حوالي شهر
وجدت مجموعة
من الباحثين
الجزائريين
في مكتب رئيس
قسم اللغة
العربية بالرباط
ساعين في
توثيق أواصر
التعاون
العلمي،
يكثفون
اللحظة
وكأنها المرة
الأخيرة التي لن
يجود الزمن
بمثلها، وفي
اللحظة نفسها
أطلعني رئيس
الشعبة على
مجموعة من
رسائل
الاستقبال
الموجهة إلى
الطلبة
الباحثين
الجزائريين استجابة
لرغبتهم في
زيارة
الجامعة
المغربية.
وكان سبب
زيارتي
للشعبة إنجاز رسائل
استقبال
لطلبة
عراقيين
تعلقوا
ببريدي الإليكتروني
فأصبحت عالقا
بقضيتهم.
يشتكون هم الآخرون
من العزلة
والحصار في
إطار الفوضى
التي يعيشها
العراق: اختلف
المحاصِران
(بالكسر)
والضحيةُ
المحاصَرُ
واحد. نحن في
الهم شرق
وغرب. ومن
الأكيد أن
هناك باحثين
وطلبة مغاربة
يتحركون في
الاتجاه
الآخر
ويلاقون نفس
المعاناة. وفي
هذا الأسبوع
انعقد مؤتمر
علمي عالمي
ضخم للفزيائيين
بمدينة
مراكش، حضره
أحد أبنائي،
كان مشغولا بالحديث
عن أعلام
علماء
الفيزياء
الحرارية الذين
حضروا من كل
الأصقاع ولم
أشعر إلا وأنا
أسأله: هل
حضره باحثون
جزائريون؟
فكان جوابه: بكثرة،
ولعله قال:
ستة من جامعة
واحدة. وفي
بريدي
الإليكتروني
الآن عدد كبير
من رسائل
الطلبة
الباحثين في
الجزائر
يسألون عن
قضايا
بلاغية، كما
يسألون عن
كيفية الحصول
على كتب
البلاغة
المؤلفة في
المغرب.
وأخيرا توصلت
هذا لأسبوع
بالإعلان
التالي:
"في
ملتقى
بالجزائر حول
26 رواية
مغربية بعيون
النقاد
الجزائريين:
الرواية
المغربية من
التأصيل إلى
التجريب
استمرارا
لتقليد ثقافي
مغاربي سنوي
، وبعد ملتقى
الدار
البيضاء في
نوفمبر من
سنة 2007 حول
"الرواية
الجزائرية : الذات
والتاريخ
والحلم "
والذي عقده
مختبر السرديات
بكلية الآداب
والعلوم الانسانية
بنمسيك
بالدار
البيضاء
بالتنسيق مع
رابطة أهل
القلم بالجزائر
..يعود
الملتقى
للالتئام في دورته
الرابعة
بمدينة سطيف الجزائرية ،
من تنظيم
رابطة أهل
القلم
ومديرية
الثقافة بسطيف
وبالتنسيق مع
مختبر السرديات
بكلية
الآداب بنمسيك
بالدار
البيضاء في
محور: "الرواية
المغربية من
التأصيل إلى
التجريب"
وذلك من 16 إلى 18
يونيو 2008. "
هذه، ياسيدي،
بعض الجزر
الجزائرية(والمغربية
أيضا) المظلومة.
فمتى نخرج من
حكم زلة
لسانك؟ نحن
نفهم أنك تريد
أن تقول: "لن
تظل الحدود
مسدودة إلى
الأبد". لكن
مالنا ولحديث
الأبد هذا، إن
أعمارنا
قصيرة،
ومصائر
الشعوب لا
تتحمل الانتظار
غير المجدي. فهل ترون من
العدل أن نحكم
على الأجيال
الصاعدة
بالانتظار
حتى ينسحب آخر
جندي من جنود
الأحقاد القديمة؟
فاتقوا
الله في هذا
الشعب
المغربي
الجزائري،
الجزائري
المغربي،
ودعوه يتواصل
ويتفاعل من
أجل مستقبل
تضمحل فيه
الحدود من تلقاء
نفسها، وبدون
حساسيات. خذوا
العبرة من دول
الشمال واعطوا
من أنفسكم ما
تطلبونه منها.
وإذا كانت في
نفوسكم غضاضة
فانظروا إلى
حال فرنسا
وألمانيا. لا
فائدة من
استمرار
المراهنة
القديمة على
نضج فاكهة
المغرب
بالحصار
لتسقط من تلقاء
نفسها، إنه
التاريخ. لقد
سددتم الحدود
فقطعتم أوصال
أسر عاشت طوال
التاريخ
متحركة عبر
حدود لم تكن
تراها. وكل ما
أنتجه هذا
الوضع هو تطوير
أساليب
التهريب وشتى
أنواع
الجرائم. ليس
مأساة أن نعيش
بجانبكم وأن
تعيشوا
بجانبنا، هذا قدرنا
وقدركم.